للهِ فِي أَيَّامِنَا نَفَحَاتُ *** عِبَرٌ تُنِيرُ دُرُوبَنَا وَعِظَاتُ
هِيَ فِي كِتَابِ الكَوْنِ بِضْعَةُ أَسْطُرٍ *** ضَاقَتْ بِفَيْضِ عَطَائِهَا الصَّفَحَاتُ
دُرَّاتُ عِقْدٍ لا يَزُولُ بَرِيقُهَا *** فَلِكُلِّ مَنْ يَرْنُو لَهَا وَمَضَاتُ
مِنْ نُورِهَا كُلُّ العُصُورِ تَزَوَّدَتْ *** وَاخْضَوْضَرَتْ بِنَمِيرِهَا الفَلَوَاتُ
وَمَعِينُهَا لا لَيْسَ يَنْضُبُ مَاؤُهُ *** سَلْسَالُهُ لِلظَّامِئِينَ فُرَاتُ
لِلوَارِدِينَ بَشَاشَةٌ وَحَفَاوَةٌ *** وَلَهُمْ مِنَ الفَضْلِ العَظِيمِ هِبَاتُ
شَهْرُ المُحَرَّمِ حِينَ يُقْبِلُ نَحْوَنَا *** تَنْسَابُ مِنْ أَعْمَاقِنَا الزَّفَرَاتُ
ذِكْرَاهُ تَرْسُمُ لِلتَّجَرُّدِ مَشْهَدًا *** فِيهِ لِمَنْ يَرْجُو الهُدَى المَثُلاتُ
وَالأُفْقُ مَسْدُودٌ بِصُورَةِ حَاضِرٍ *** غَلَبَتْ عَلَى قَسَمَاتِهِ الظُّلُمَاتُ
شَتَّانَ بَيْنَ المَشْهَدَيْنِ فَهَا هُنَا *** سَمْتٌ تُغَايِرُهُ هُنَاكَ سِمَاتُ
لَوْ قُلِّبَتْ عَيْنُ البَصِيرَةِ فِيهِمَا *** لَتَعَجَّبَتْ مِمَّا تَرَى النَّظَرَاتُ
فَهُنَاكَ إِيمَانٌ يُوَحِّدُ أُمَّةً *** فِي عِزَّةٍ.. وَعَقِيدَةٌ وَثَبَاتُ
وَهُنَا شُكُوكٌ أَوْرَثَتْنَا ذِلَّةً *** بَيْنَ الأَنَامِ وَخَارَتِ العَزَمَاتُ
وَهُنَاكَ أَحْيَاءٌ بِرَغْمِ رَحِيلِهِمْ *** وَهُنَا حَيَاةُ الخَانِعِينَ مَوَاتُ
وَهُنَاكَ مَنْ هَجَرُوا الضَّلالَةَ وَالهَوَى *** وَهُنَا أُنَاسٌ فِي الضَّلالِ عُتَاةُ
وَهُنَاكَ شُورَى فِي الأُمُورِ وَحِكْمَةٌ *** وَهُنَا غُرُورُ جَهَالَةٍ وَطُغَاةُ
وَهُنَاكَ تَضْحِيَةٌ وَحُبُّ شَهَادَةٍ *** وَهُنَا قُلُوبٌ نَبْضُهَا الشَّهَوَاتُ
وَهُنَاكَ فِي عُمْرِ الزُّهُورِ فَوَارِسٌ *** وَهُنَا شَبَابٌ قُلْ هُمُ فَتَيَاتُ
وَهُنَاكَ مَنْ كَانَ الحَرِيرُ لِبَاسَهُمْ *** فَإِذَا هُمُ بَيْنَ الأَنْاَمِ هُدَاةُ
يَرْضَوْنَ مِنْ مُتَعِ الحَيَاةِ لُقَيْمَةً *** وَعَلَى أَهَازِيجِ التَّضَرُّعِ بَاتُوا
وَهُنَا يَبِيعُ المَرْءُ طَوْعًا دِينَهُ *** إِنْ لاحَ مِنْ مُتَعِ الحَيَاةِ فُتَاتُ
وَهُنَاكَ مَنْ لِلَّهِ يَشْرِي نَفْسَهُ *** وَهُنَا ضَمِيرٌ يَشْتَرِيهِ عُدَاةُ
وَهُنَاكَ إِيثَارٌ وَصَفٌّ وَاحِدٌ *** وَهُنَا أَسًى وَتَمَزُّقٌ وَشَتَاتُ
أَوْزَارُهُمْ خَفَّتْ هُنَاكَ فَأَصْبَحُوا *** وَلَهُمْ بِأَقْطَارِ الدُّنَا وَثَبَاتُ
وَهُنَا ظُهُورٌ بِالمَآثِمِ أَثْقَلَتْ *** فَتَعَثَّرَتْ يَا أُمَّتِي الخُطُوَاتُ
دَرْبُ الجِهَادِ هُنَاكَ طَهَّرَ صَفَّهُمْ *** وَهُنَا صَنَادِيدُ النِّفَاقِ ثِقَاةُ
يَا مَنْ هُنَا..... أُنْظُرْ هُنَاكَ فَرُبَّمَا *** فُتِحَتْ عَلَيْكَ بِنَظْرَةٍ بَرَكَاتُ
يَا أُمَّتِي هَذِي المَوَاسِمُ مِنْحَةٌ *** وَلِكُلِّ ذِي لُبٍّ بِهَا لَمَحَاتُ
يَا أُمَّتِي هَذَا طَرِيقُ المُصْطَفَى *** هُوَ عِزَّةٌ وَكَرَامَةٌ وَحَيَاةُ
يَا أُمَّتِي مَكْرُ الثَّعَالِبِ حَوْلَنَا *** وَعَلَى حُدُودِكِ قَدْ أَقَامَ غُزَاةُ
جُودِي إِبَاءً بِالدِّمَاءِ فَإِنَّهُ *** مَا مَاتَ فِي سَفَرِ الحَيَاةِ أُبَاةُ.
الكاتب: وحيد حامد الدهشان.
المصدر: موقع الألوكة.